الخميس، 17 سبتمبر 2020

تصحيح مفهوم (نظام الحكم في الإسلام، وحاكمية قريش)

 تصحيح مفهوم

(نظام الحكم في الإسلام، وحاكمية قريش)

جمع وإعداد:

 الدكتور الشريف محمد بن حسين الحارثي 

بسم الله الرحمن الرحيم

أتعجبُ من حالِ بعض الكُتّابِ على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة "تويتر"  إذا أراد أن يشتهر، أو في صدره ضغينةٌ ما؛ هاجم الدين الإسلامي من بعض جوانبه أو زواياه، كجانب (حاكمية قُريش في صدر الإسلام!) أي توليها وتفردها بالحكم وتوارثه؛ وانطلاقاً من ذلك يتجرأ بالقول إن "قُريشا" احتكرت الدين الإسلامي...!



مع أن جميع المسلمين يعلمون قطعاً أن الإسلام دينٌ عالميٌ للبشريةِ جمعاءَ بل للثقلين كافة من الإنس والجن، كما ورد ذلك في آيات كريمة وأحاديث شريفة، واعتنقه وتعلق به أهل الشرق والغرب ممن كتب الله لهم الهداية وأنار بصائرهم.

أما "قبيلة قُريش" فأكرمها الله وشرفها بإسكانها مكة المكرمة وتولت رعاية البيت العتيق وخِدْمة حُجاجهِ وعُمْارهِ، وآمنهم من الخوف بالإيلاف والتجارة، ثم بلغ الشرف ذروته باختيار سيد الخلق النبي المصطفى محمد بن عبدالله الهاشمي القرشي منهم صلى الله عليه وآله وسلم.

أما نظام الحكم (النظام السياسي) في الإسلام؛ فيعلم الجميع أنه ليس ركناً من أركان الإسلام الخمسة، فذروة سنام الإسلام (التوحيد: الشهادتين)، وعموده الصلاة.

 كما أن نظام الحكم أيضاً ومن المُسَلّمِ به أنه ليس ركناً من أركان الإيمان الستة.

بل بين نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بأن قاعدة نظام الحكم في الإسلام السمع والطاعة للحاكم أياً كان جنسه؛ فقال: "اسمعوا وأطيعوا وإن اُستعمِلَ عليكم عبدٌ حبشيٌ كأن رأسه زبيبة " صحيح البخاري، كتاب الأحكام، برقم 6760.
 

أما النظام الملكي الوراثي فهو من أكثر أنظمة الحكم شيوعاً في العالم قديماً وحديثاً عند جميع الشعوب والديانات وليس حكراً على قُريش-.

ففي العصور القديمة كانت الأنظمة الملكية الوراثية هي السائدة، بل لها من الهالات والوظائف القدسية المرتبطة بالتضحية والقرابين، واعتبر الملوك في زمانهم أنفسهم من جنس الآلهة، وانتشرت تلك المعتقدات في مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين...! 

وفي العصور الوسطى المسيحية ارتبط الأباطرة الرومان ببعض الجوانب المقدسة للديانة المسيحية وذلك باعتبارهم حماةً للدين المسيحي، فاستمدوا من الملوك الجرمان مفهوم " الحق الإلهي للملوك".

وفي العصور الحديثة اعتبر ملوك اليابان ونيبال أنفسهم آلهة حية...!

ومن قرأ التاريخ الإسلامي معلوم لديه أن أنظمة ملكية وراثية من غير (قريش) حكمت العالم الإسلامي كالأيوبيين والمماليك والعثمانيين. هذا في المشرق، وكذلك الحال في المغرب الإسلامي، وكذلك أيضا حكومات المسلمين في شبه القارة الهندية.

 

وأختتم بالقول: أن الاهتمام بالحكم والإمارة والنظام الوراثي ليس صناعة قرشية...! بل هي ميول إنسانية فطرية؛ لدى جميع الأفراد والأسر والشعوب.

فهل نعي الفرق؟!

والله الهادي إلى سواء السبيل.