الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

مقتطفات من تاريخ مكة الاجتماعي

شريحة رقم (1)
مقتطفات من تاريخ مكة الاجتماعي
إعداد

د. الشريف محمد بن حسين الحارثي
العرض لطلاب وطالبات
كلية الطب بجامعة أم القرى
الأربعاء:18-1-1438هـ

19-اكتوبر-2016م

شريحة رقم (2)

الحمد لله رب العالمين الذي جعل مكة البلد الأمين موطناً وسكناً لنا ولأجدادنا الأقدمين، والصلاة والسلام المباركان العاطران الدائمان إلى يوم الدين على شفيع الأمة ونبي الرحمة الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين نبينا وسيدنا محمد بن عبد الله الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي سعدت مكة البلد الأمين بمولده، ووطء قدميه الشريفتين على ثراها وبين شعابها وعلى جبالها، وعلى آل بيته الطيبين، وصحبه الأكرمين الذين وفقهم الله لاتباع الحق المبين.
شريحة رقم (3)
موقع مكة المكرمة:
تقع في الجهة الغربية من المملكة العربية السعودية بأرض الحجاز في بطن واد تشرف عليه الجبال من جميع النواحي دائرة حول الكعبة المشرفة , وكانت المناطق المنخفضة من ساحة مكة تسمى بطحاء , وما كان شرق المسجد الحرام يسمى المعلاة , و إلى الغرب والجنوب يسمى المسفلة , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل المعلاة ولد فيها وسكن بها حتى  هاجر , ثم دخل منها أثناء فتح مكة .
ولمكة المكرمة ثلاثة مداخل رئيسية هي : المعلاة, والمسفلة , والشبيكة , وتقع فلكيا عند تقاطع درجة عرض 19/ , 25/ , 21 5 شمالاً , ودرجة الطول 46/ , 49/ , 39 5 شرقاً , وارتفاعها عن سطح البحر أكثر من 300 متر , وهي سرة الأرض ووسطها.
شريحة رقم (4)
اختارها الله عز وجل لبناء بيته ومولد نبيه الخاتم ومبعثه صلى الله عليه وآله وسلم , وجعلها منسكاً لعباده وأوجب عليهم الإتيان إليها من القريب والبعيد فلا يدخلونها إلا متواضعين متخشعين متذللين كاشفي رؤوسهم متجردين عن لباس أهل الدنيا , وجعلها آمناً لا يُسفك فيها دم , ولا يُلتقط لقطتها للتمليك بل للتعريف , وجعل قصدها مكفراً لما سلف من الذنوب , وليس على وجه الأرض بقعة يجب على كل قادر السعي إليها غير مكة المكرمة، وشرع الطواف بالبيت الذي فيها دون غيرها وليس على و جه الأرض موضع يشرع تقبيله واستلامه غير الحجر الأسود والركن اليماني , وأقسم بها في كتابه العزيز في موضعين منه , وتضاعف أجر الصلاة في المسجد الحرام , وبها قبلة أهل الأرض كلهم , ويحرم استقبالها واستدبارها عند قضاء الحاجة , ويعاقب فيها على الهم بالسيئات وإن لم يفعلها , وتضاعف مقادير السيئات فيها لأن السيئة في حرم الله وبلده أعظم منها في طرف من أطراف الأرض , وجذبها للقلوب أعظم من جذب المغناطيس للحديد , ولا يقضون منها وطراً , بل كلما ازدادوا إليها زيارة ازدادوا إليها شوقاً .

شريحة رقم (5)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاها. وقال العباس يا رسول الله إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا فقال إلا الإذخر وعن خالد عن عكرمة قال هل تدري ما لا ينفر صيدها هو أن ينحيه من الظل ينزل مكانه.
يحرم على المُحْرِم والمُحِلِّ قطع شجر الحَرَم وحَشيشه الرَّطب الذي لم يزرعه الآدمي فقوله (لا يُعضَد شجرها) أي : لا يقطع ، وقوله : (لا يختلى خَلاها) الخَلا : الرَّطب من الحشيش ، والمعنى : لا يُجزُّ الحشيش ولا يقطع .



شريحة رقم (6)

ومكة وقد اختارها الله عز وجل مكاناً لبيته المحرم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ*﴾وقال تعالى على لسان إبراهيم الخليل عليه السلام:﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾

شريحة رقم (7)
من فضائل مكة (1):
جزم جمهور أهل العلم أن مكة هي أفضل بِقاع الأرض على الإطلاق، ثم تليها المدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام -، ولذا صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال عن مكة: «والله إنكِ لخيرُ أرض الله، وأحبُّ أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرِجتُ منكِ ما خرجتُ»؛ رواه أحمد والترمذي.
ومن فضائل هذا البلد الحرام: أن الله -جل شأنه -أقسم به في موضعين من كتابه، فقال -جل وعلا -:  وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ  [التين : 3]، وقال - سبحانه -:  لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ  [البلد : 1].
ومن فضائل مكة - حرسها الله -: ما ثبت عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن مكة حرَّمها الله تعالى ولم يُحرِّمها الناس، ولا يحلُّ لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفِك بها دمًا، أو يعضد بها شجرًا، فإن أحدٌ ترخَّص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا له: إن الله أذِن لرسوله ولم يأذن لك، وإنما أُذِن لي فيها ساعةً من نهار، وقد عادَت حُرمتها اليوم كحُرمتها بالأمس، وليُبلِّغ الشاهدُ الغائبَ»؛ متفق عليه.
وفي روايةٍ أخرى متفقٍ عليها أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «هذا البلد حرَّمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحُرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعضَد شوكُه، ولا يُنفَّر صيدُه، ولا يُلتَقَطُ لُقطتُه إلا من عرَّفها، ولا يُختَلَى خَلاَه».



شريحة رقم (8)

وإن مما يدل على حُرمة مكة أيضًا: ورود الآية الكريمة الدالة على المُعاقبة لمن همَّ بالسيئة فيها وإن لم يفعلها؛ حيث قال -سبحانه -:  وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ  [الحج : 25].
والإلحاد: هو المَيل والحَيْد عن دين الله الذي شَرَعه، ويدخل في ذلكم: الشرك بالله في الحرم، أو الكفر به، أو فعلُ شيءٍ مما حرَّمه الله، أو ترك شيءٍ مما أوجَبَه الله، أو انتهاكُ حُرمات الحرم، حتى قال بعض أهل العلم: يدخل في ذلكم: احتكار الطعام بمكة.
وقد قال بعض أهل العلم: إنها إنما سُمِّيَت مكة؛ لأنها تمُكُّ من ظَلَم؛ أي: تقصِمُه، وقد كانت العرب تقول:
يا مكة الظالمَ مُكِّي مكًّا  ولا تمُكِّي مُذحَجًا وعَكّا
كما إن من فضائل مكة: أنه يحرُم استقبالُها أو استدبارُها عند قضاء الحاجة دون سائر البِقاع، لقوله -صلى الله عليه وسلم -: «لا تستقبِلوا القبلةَ بغائطٍ ولا بول، ولا تستدبِروها، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا»؛ متفق عليه.
ومن فضائلها: ما ورد في فضل الصلاة فيها؛ حيث ثبَت عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صلاةٌ في مسجدي هذا أفضلُ من ألف صلاةٍ فيما سواه، إلا مسجد الكعبة»؛ رواه مسلم.
وفي روايةٍ أخرى: أنه -صلى الله عليه وسلم -قال: «صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاةٌ في المسجد الحرام أفضلُ من صلاةٍ في مسجدي هذا بمائة صلاة»؛ رواه أحمد وابن حبان بإسنادٍ صحيح.
ويكون معنى هذا الحديث: أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف؛ لأن الصلاة في المسجد النبوي بألف الصلاة، والصلاة في المسجد الحرام تفضُلُه بمائة، فيُصبِحُ المجموع: مائة ألفٍ حاصلُ ضرب ألفٍ في مائة، فلكم أن تتصوَّروا - عباد الله - فضل الفرض الواحد في السنة الواحدة في مكة، وأنه يُساوي خمسةً وثلاثين مليونًا وأربعمائة ألفٍ فيما سواه، وذلك حاصلُ ضرب مائة ألفٍ في عدد أيام السنة، وهي ثلاث مائة وأربعةٌ وخمسون يومًا تقريبًا، فما ظنُّكم لو ضربنا هذا العدد في خمسة فروض، وضربنا ناتج الخمسة في عدد أيام السنة، إنه - والله - لعددٌ مهول، وذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المُضاعفة: هل هي خاصةٌ بالمسجد نفسه أو بمكة كلها؛ أي: ما كان داخل الأميال.
والأظهر -والله أعلم -، وهو الذي ذهب إليه جمهور أهل العلم: أن المُضاعفة تشمل جميع مكة، غير أن الصلاة في نفس المسجد أفضل، وذلك لقِدَم المكان، ولكثرة الجماعة.


شريحة رقم (9)
أسماء مكة البلد الحرام:
بعضها في القرآن وهي الثمانية الأسماء الأولى: مكة "بالميم "، وبكة "بالباء " , وأم القرى , والقرية , والبلد , والبلدة ,  ومعاد " بفتح الميم , والوادي .
والنساسة ,والناسة , وكوثى , والحرم , وبرة , والمسجد الحرام ومعطش , والرتاح , وأم رحم "براء مهملة مضمومة " , وأم زحم بزاي معجمة , وأم صبح , وأم روح , وبساق , والحاطمة , وصلاح مبني على الكسر " , والعرش , والعريش , والقادس , والقادسية , والبيت العتيق , والراس , والمكتان , والنابية " بالنون الموحدة " , وأم الرحمن , وأم كوثي , والباسة " بالموحدة والسين المهملة , والناسة , بالنون والمعجمة , والبساسة بالموحدة وبسينين مهملتين , وطيبة , وسبحوحة , والسلام , والعذراء ونادرة , والعرش بضمتين , والعروش بزيادة واو , والحرمة , بضم الحاء , والحرمة " بكسر الحاء " والعروض , والوسل , والبسل , ومخرج صدق , وقرية الحمس , وأم راحم , وقرية النمل , ونقرة الغراب , والبنية , وفاران .




شريحة رقم (10)
أصل تسمية مكة المكرمة:
وأشهر ما عرفت به البلدة المقدسة ".. مكة .." ، ويعد بطليموس أول الجغرافيين الذين تحدثوا عن مكة المكرمة، إذ ذكرها (مكربة) MACROBA، وهو اسم آرامي يقصد به مكة المكرمة ، وقيل: أن الكلمة تحريف للكلمة العربية (مقرب)، وهما نعت وصفي للبيت صار علماً ، وقيل أن اسم مكة أو مكا بابلي معناه البيت ، بينما يرى آخرون أن هذا الاسم مشتق من الاسم السبأي (قلورابا)، ومعناه (القدس) أو (الحرم)، ويرى عبد القدوس الأنصاري رحمه الله في تأويل الاسم أن بطليموس حرف بلهجته الأعجمية الاسم العربي، الذي هو حسب رأي الأنصاري (مكة الرب) أي (بلد الله) وقد اعترض على الاسم (مكورابا)، حيث يرى أن هذا الاسم لابد أنه (مكة الرب) أو (مكة أم الرب) بقلب لام التعريف إلى (أم) على لهجة أهل اليمن ، وربما سمع بطليموس هذا الاسم من التجار العرب، فنقله إلى لغته محرفاً، وقيل : سميت مكة لأنها تمك الجبارين  ، أي تذهب نخوتهم ،وقيل: لازدحام الناس فيها، وقيل: لقلة مائها ، وقيل: لأنها تمك الذنوب أي تذهب بها ، أو تمك الفاجر ، أي تخرجه منها.

شريحة رقم (11)

(أول أسرة مكية – نواة الحياة- وأصل العمران)
1900ق.م أو 2000ق.م تقريباً
أسرةٌ صغيرة مُكوَّنةٌ من أمٍّ وطفلها الرضيع استقرَّت في دوحةٍ فوق الزمزم في أعلى المسجد الحرام، وتلك الأسرة لم تكن تملك إلا جرابًا فيه تمر، وسقاءً فيه ماء، وسط وادٍ ليس به أنيس ولا ماء ولا زرع، غير أن تلك الأم المباركة لم يُخالجها شكٌّ البتَّة أن الله الذي اختار الله ولطفلها هذه البقعة النائية لن يُضيِّعها وابنها؛ بل اعتصمَت به، ورضِيَت بقضائه حينما قالت لزوجها إبراهيم - عليه السلام -: آلله أمَرَك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يُضيِّعنا.
ولهذا جاءتها البُشرى، فقال المَلَك مُرسلاً إليها: لا تخافوا الضَّيْعة؛ فإن هذا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه.
هذه القصة رواها مُطوَّلةً البخاريُّ في "صحيحه".
لقد أصبحت تلكم الأسرة الصغيرة نواة الحياة، وأصل العمران في هذا المكان، وقد جاءت إلى صحراء الجزيرة العربية بشرف النبوة والرسالة لا غير، فصار البيت الحرام لهم وعاءً، وماءُ زمزم لهم سِقاءً، وعناية الله لهم حِواءً، حتى أذِنَ الله لإبراهيم - عليه السلام - أن يرفع هو وابنُه إسماعيل قواعد البيت،  وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ  [البقرة : 127 ، 128].
لقد أراد الله - سبحانه وتعالى - بحكمته وعلمه أن يكون هذا الموطن مأوًى لأفئدة الناس تأوي إليه من كل فَجٍّ عميق، ومُلتقًى تتشابَكُ فيه الصِّلات بين الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، فيأمر الله خليلَه - عليه السلام - بقوله:  وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ  [الحج : 27]، ومن ثَمَّ يُصبِح الحج رُكنًا أساسًا من أركان الإسلام الخمسة.

شريحة رقم (12)

(خطيب جاهلي يُنذر قومه خطورة الإلحاد والظلم في الحرم)
لما رأى مُضاض بن عمرو الجرهمي: ما فعل قومه بالحرم؛ قام فيهم خطيباً وقال: يا قوم أبقوا على أنفسكم، وراقبوا الله في حرمه وأمنه، فقد رأيتم وسمعتم من هلك من صدر هذه الأمم قبلكم، قوم هودٍ وقوم صالح وشعيب، فلا تفعلوا، وتواصوا بالمعروف، وانتهوا عن المنكر، ولا تستخفوا بحرم الله تعالى وبيته الحرام، ولا يغرنكم ما أنتم فيه من الأمن والقوة فيه، وإياكم والإلحاد فيه بالظلم، فإنه بوار عظيم.
وأيم الله لقد علمتم أنه ما سكنه أحدٌ قط، فظلم فيه وألحد إلا قطع الله عز وجل دابرهم، واستأصل شأفتهم، وبدَّل أرضها غيرهم، فاحذروا البغي فإنه لا بقاء لأهله، قد رأيتم وسمعتم من سكنه قبلكم، من: طسم وجديس والعماليق، ممن كانوا أطول منكم أعماراً، وأشد قوة، وأكثر رجالاً وأموالاً وأولاداً، فلما استخفوا بحرم الله، وألحدوا فيه بالظلم أخرجهم الله منها بالأنواع الشتى، فمنهم من أُخرج بالذرَ، ومنهم من أُخرج بالجدب، ومنهم من أُخرج بالسيف.
وقد سكنتم مساكنهم، وورثتم الأرض من بعدهم، فوفروا حرم الله – أي راعوا حرماته-، وعظموا بيته الحرام، وتنزهوا عنه وعما فيه، ولا تظلموا من دخله وجاء معظماً لحرماته، وآخر جاء بائعاً لسلعته، أو مرتغباً في جواركم، فإنكم إن فعلتم ذلك تخوفت أن تُخرجوا من حرم الله خروج ذُلًّ وصغار، حتى لا يقدر أحدٌ منكم أن يصل إلى الحرم، ولا إلى زيارة البيت الذي هو حرز وأمن، والطير والوحوش تأمن فيه. فقال له قائل منهم، يرد عليه يُقال له مجذع: من الذي يُخرجنا منه؟ ألسنا أعز العرب، وأكثر رجالاً وسلاحاً؟  فقال له مضاض بن عمرو: إذا جاء الأمر بطل ما تقولون.

شريحة رقم (13)
كيان قريش، والمكانة الربانية
ومن العوامل التي هيأها الله تعالى لمكة المكرمة، قبل أن يَتمّ استقبالُ رسالة الإسلام؛ تَحَقُّقُ كيان قبلي قوي متماسك تمثل في (قبيلة قريش) في شكل وحدة اجتماعية تتولى شؤون الكعبة وخدمة حجاجها؛ وإرهاصاً للنبوة في الكيان القرشي، وإثر توزيع المناصب بين بطون قريش بالعدل؛ أضحى عبد المطلب، جدُّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الزعيمَ الروحي لدار الندوة، أي مقر حكومة مكة بلغة العصر؛ وهي دار الشورى التي تجتمع فيها رجالات قريش ممن تجاوزت أعمارهم سنَّ الأربعين للتباحث والتشاور في الأمور الهامة.

شريحة رقم (14)

أقوال خالدة لهاشم بن عبدمناف جد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ولما صارت الرفادة والسقاية لهاشم ، كان يخرج من ماله كل سنة للرفادة مالاً عظيماً، وكان أيسر قريش، ثم يقف في أيام الحج فيقول: " يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وإنه يأتيكم في موسمكم هذا زوار الله تبارك ذكره يعظمون حرمةَ بيته، وهم أضيافه وأحق الناس بالكرامة، فأكرموا أضيافه وزوّار كعبته ، فإنهم يأتون شعثاً غبرا من كل بلد على ضوامر كالقداح قد أزحفوا، وتفلوا، وقملوا، وأرملوا، فاقروهم، واغنوهم، وأعينوهم"، فكانت قريش تترادف على ذلك، حتى كان أهل البيت ليرسلون إليه بالشيء على قدرهم فيضمه إلى ما أخرج من ماله وما جمع مما يأتيه به الناس، فإن عجز ذلك أكمله

شريحة رقم (15)
أهل مكة : أهل الله:
وأول ولاة مكة: عتاب بن أَسِيد – بفتح الألف -بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبدمناف الأموي، أبو محمد، ويقال أبو عبد الرحمن: أسلم يوم الفتح، واستعمله النبي صلى الله عليه وآله وسلم   على مكة، وسِنَّه عشرين سنة، ثم قال لعتاب: ((أتدري على من استعملتك؟ استعملتك على أهل الله، فاستوص بهم خيراً))

شريحة رقم (16)
مكونات المجتمع المكي مع ظهور الإسلام
إن مجتمع مكة عند ظهور الإسلام مجتمع حضري مستقر لكنه قائم على أساس قبلي وأنه يتكون من ثلاثة عناصر أولها وأهمها: القرشيون فقد كانت لهم السيادة وتمتعوا بعقلية فذة في الإدارة. وإن تقسيم قريش إلى قريش البطاح وقريش الظواهر هو تقسيم اسمي ليس له أهمية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية. والتمايز في المكانة الاجتماعية يقوم على عوامل منها الإسهام في إدارة مكة، وكثرة عدد أفراد البطن الواحد، والمال دعامة أساسية في رفع المكانة الاجتماعية إضافة إلى بروز أفراد يجسدون أعلى القيم الاجتماعية مثل الكرم والمروءة ورجاحة العقل والإنصاف في القول والعمل. أما الفئة الثانية فهم الحلفاء وهم من قبائل عربية حالفت قريش وامتزجوا بهم عن طريق الزواج والمشاركة بكل أسباب الحياة. وقد كان من أهم أسباب قدومهم مكة ازدهار الأحوال الاقتصادية فيها. وقد تمتعوا بمنزلة اجتماعية رفيعة يتساوون فيها مع القرشيين إلا أن قريشاً أهل البلد وأصحاب الكلمة والنفوذ فيه. أما الفئة الثالثة فهم الموالي والرقيق ومنزلتهم في المجتمع هي الأدنى بكثير ومارسوا أعمالا مختلفة وأصولهم تعود إلى بعض أقاليم الجزيرة وأفريقيا وفارس والروم.


شريحة رقم (17)
الناحية الاجتماعية في صدر الإسلام :
اتسعت في هذا العهد هجرة المكيين باتساع الفتوح وعظم ثراؤهم فبدأت رؤوس الأموال تتضخم عما كان عليه الأمر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبدأت تجارة قريش في مكة تتجاوز الحدود التي كانت تعرفها في عهد رحلتي الشتاء والصيف . وتدفق المهاجرون من أنحاء الأمصار المفتوحة وتدفق بتدفقهم شيء من لغاتهم وكثير من عاداتهم فعرف المكي في طعامه بعض الألوان الجديدة واتخذ بعض الأردية التي قلدها في أواخر العهد الجاهلي بعد أن حذفت منها الحرير الذي علمه القرآن الكريم تحريمه , واستعاض عنه بالمبالغة في التصبيغ وتلوين الأثواب بالأحمر والمورد والأصفر الفاقع .
وبدأت مجالس السمر التي كان يتفنن المترفون في إعدادها تأخذ أشكال الحلقات يدرس فيها ب عض العلوم وتتلى المواعظ ويحدث فيها أصحاب السير والمغازي أو يتبسط المتمولون في أحاديثهم فيها عن التجارة وأصناف السلع المجلوبة .
وتعلمت مكة في هذه الأثناء معاني التوحيد في الحكم فنسيت التعصب لشيوخها في البطون والقبائل ودانت جميعها أول ما دانت لحكم عتاب بن أسيد فاعتبرته مصدراً وحيداً للأوامر والنواهي بعد القرآن الكريم والسنة النبوية بعد أن كانت في جاهليتها موزعة بين عشرات الشيوخ يحكمونها بشتى أنواع الحكم .

شريحة رقم (18)

هنا وقفة تأمل: سؤال: ماذا يعني لنا التنوع العرقي في مكة؟
(رؤية اجتماعية)
التنوع العرقي يعني ثراء في الروافد الثقافية للمجتمعات يمنحها قوة وخصوصية وحيوية، ولن ينتقص التنوع من أهميتها ومكانتها فيما لو قورنت مع مجتمعات أخرى تبدو لنا للوهلة الاولى ــ على الأقل ظاهرياً ــ أنها مجتمعات لا يشكل التنوع فيها سمة أساسية تستحق التوقف عندها.
إن التنوع العرقي في مكة والمدينة (في أصله القديم) يفوق بمراحل أي تنوع مماثل في أي دولة عربية كبيرة. ومع هذا لا ينطبق تعريف "الأقلية" اليوم على أي مجموعة استقرت في الحجاز - حيث توحدت اللغة والهوية والممارسة الثقافية.. بل وحتى الملامح وهيئة اللباس..


شريحة رقم ( 19 )
المجاورون بمكة في العهد الأيوبي(567-648هـ/1171-1250م) :
وهم المسلمون الذين قدموا من مختلف الأقطار الإسلامية , إلى مكة المكرمة على مر السنين , قبل وخلال العصر الأيوبي , احتماءً بحرم الله, ابتغاءً لفضل الله ورضوانه , وقصد التجارة للدنيا والآخرة , وما لبثوا أن استقروا فيها واندمجوا في مجتمعها حتى صاروا يشكلون جزءا منه , خاصة في العصر الأيوبي , فقد وفد إليها تجار مسلمون من بلاد ومدن بعيدة مثل : برقة وطرابلس والقيروان والمهدية والمغرب وتلمسان، وغيرها من باقي بلدان أفريقيا وآسيا.
شريحة رقم (20)
الأعياد والمواسم الدينية والاحتفالات العائلية في الحجاز في العصر الأيوبي
كان لأهل مكة احتفالات دينية متعددة في مختلف المناسبات , فهم يحتفلون باستهلال الشهور الهجرية , وعاداتهم في ذلك أن يأتي أمير مكة (الشريف) في أول يوم من أيام الشهر يحف به كبار رجاله , وهو يرتد الملابس البيضاء ويتقلد سيفه وعليه السكينة والوقار , فيصلي عند مقام إبراهيم ركعتين ثم يقبل الحجر الأسود ,ثم يطوف حول الكعبة سبعة أشواط وكلما أكمل الأمير شوطا واحداً كان يتجه لتقبيل الحجر الأسود , وعندها يرتفع صوت رئيس المؤذنين الذي يقف أعلى القبة زمزم بالدعاء للأمير وتهنئته بدخول الشهر ,رافعاً صوته بدعاء يستفتحه بقوله : " صبح الله مولانا الأمير بسعادة دائمة ونعمة شاملة " ثم يتابع دعاءه بتهنئته بقدوم شهر الشهر , بكلام مسجوع مطبوع حافل بالدعاء والثناء . ثم يختتم ذلك بثلاثة أو أربعة أبيات من الشعر في مدحه ومدح سلفه الكريم

شريحة رقم (21)

الوافدون إلى مكة في العهد المملوكي (648-923هـ/ 1250 م -1517 م):
نعني بالوافدين هم أولئك الذين قدموا من بقاع العالم الإسلامي على مر القرون واستقروا بمكة واندمجوا في مجتمعها وصاروا يشكلون جزءاً من هيكلها الاجتماعي , ويشكل هؤلاء حوالي ثلثي أو ثلاثة أرباع سكان مكة فهم أعيان الناس الذين جاءوا يقضون شيخوختهم على مقربة من البيت , ومنهم صغار الأمراء الذين نفاهم السلطان , ومنهم العلماء والصوفية الذين جاءوا يجاورون بيت الله ومنهم التجار الذين قدموا للتجارة ثم فتحوا حوانيت بمكة وبقوا فيها على مدار السنين وتزوجوا واستقروا , وينتمي هؤلاء إلى جنسيات مختلفة فبينهم البخاري والهندي والجاوي والأفغاني والشامي والمغربي والحضرمي واليمني والمصري . ولكل جنسية حي اختص بهم تقريباً , وهم أشد الناس تمسكاً ببعض تقاليد البلد الذي نزحوا منه , وقد أحدث هذا التنوع في أصول أفراد المجتمع المكي عدة نتائج , والتنوع في الأصل أدى أيضاً إلى التنوع في الملبس , فالعمامة الهندية إلى جانب القفطان المصري والجبة الشامية والمنطقة التركية , فتراك كأنك تعيش في وسط يكتظ من مجموعات متباينة من الأمم المختلفة , ولكن يجمع بين كل هؤلاء رباط ديني واحد هو الإسلام .

شريحة رقم (22)
·        مجاورو مكة في العهد المملوكي:
يطالعنا في الحديث عن المجاورين حقائق عدة:
1. أن أكثر المجاورين بمكة كانوا من المصريين والشاميين , ولا يعني ذلك أنه لم يكن هناك مجاورين من غير مصر والشام فقد كان هناك عراقيون ومغربيون ويمنيون , إلا أن الكثرة الغالبة , كما قدمنا كانت من المصريين والشاميين , وربما عاد هذا إلى قرب الشام  ومصر من الحجاز فكان من السهل على العلماء الانتقال , لكن العراق قريب من الحجاز ومع ذلك لا نجد من المجاورين فيه كثيرون على أنه ربما عاد ذلك إلى غلبة المذهب الشيعي بتلك الآونة على العراق واهتمام العلماء العراقيين بمجاورة قبور ومشاهد آل البيت في العراق وفارس .
ويبرز سبب آخر ساعد على زيادة المجاورين من مصر والشام هو أن المماليك ( حكام مصر ) كانوا هم المسيطرين في مصر والشام والحجاز فكان ذلك يحقق للمصريين والشاميين ميزة ظاهرة ونوعاً من الأمن لا يجده العراقيون واليمنيون والمغاربة .
2. أن أكثر المجاورين كانوا من العلماء الزهاد , أما القلة الباقية فمن الذين نفاهم السلطان بمصر فجاءوا قسراً أو من كبار التجار الذين جاءوا يقضون شيخوختهم بجوار البيت الحرام لذا فقد كان هؤلاء المجاورين خير على مكة سواء كانوا علماء أو تجار بعلمهم الذي حرم الله أن يكتم والآخرون يجودون بأموالهم في سبيل الله بمكة .
3. أن المجاورين كانوا قليلين في القرن السابع , ثم بدأوا يكثرون في القرن الثامن حتى صاروا جزءاً كبيراً من المجتمع المكي , وربما عاد ذلك إلى ما قام به السلاطين من إنشاء المدارس والأربطة والزوايا , وما انفقوه على المجاورين وما قاموا به من تنظيم لشؤونهم حيث لم يعد المجاور يخشى ألا يجد مأوى وطعاماً , إذا ضاقت به سبل العيش بجوار البيت.

شريحة رقم (23)

العهد العثماني 923-1335هـ/1517-1917م
دخل الحجاز تحت النفوذ العثماني في أوائل القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي، فحافَظ العثمانيون على الأوضاع السائدة في الحرمين الشريفين، ولا سيَّما الوضع الثقافي والاجتماعي والإداري، وكان التقسيم الإداري في أوائل الحكم العثماني للحجاز يختلف عن آخره؛ فمع تسمية الوالي - الذي يتمُّ تعيينه من إستانبول - في البداية بأمير الأمراء، وتسمية أمير المدينة المنوَّرة - الذي يُعيَّن من إستانبول - بشيخ الحرم، وتسمية أمير مكة المكرمة - الذي يُختَار من الأشراف - بشريف مكة، إلا أنه تغيَّر اسم بعض تلك الوظائف في العهد الأخير، حيث أصبح يُطلَق على الأول والي الحجاز، وعلى الثاني محافظ المدينة المنوَّرة، واحتفظ الباقي بالتسمية نفسها، وكانت ولاية الحجاز تتكوَّن من ثلاث سناجق: مكة المكرمة وهى مركز الولاية، والمدينة المنوَّرة وجدة، في الوقت الذي كانت جدة تشكِّل مع الحبشة إمارة في بدايات عهدها، وكان والي جدة نفسه شيخًا للحرم المدني، ولا سيَّما إذا حاز رتبة الوزارة

شريحة رقم (24)
الوافدون في العهد العثماني:
أكثر العائلات التي وفدت في أوائل هذا العهد واستوطنت مكة كانت من المصريين والمغاربة وأهالي الشام والأتراك والمصريين من أقل الناس هجرة ولكن فتوحات محمد علي باشا في مكة شجعهم على الانتقال إلى مكة والاستيطان بها .
ولا يبعد أن يكون أكثر المنتقلين كانوا من أصحاب العلاقة بجيش محمد علي وقد اختاروا الإقامة بعده لهذا فلا نعجب أن وجدنا العائلات المنحدرة من أصل مصري لا تنتمي إلا إلى جد واحد بعد جلاء المصريين عن مكة إلا نادرا ومن أشهر العائلات المصرية بيت القطان والزقزوق والرشيدي والمنصوري والدمنهوري.
لم تنقطع هجرة المغربيين والسوريين والأتراك والأكراد والسودانيين في كثير من عهود مكة أما العراقيون فمن أقل الأجناس هجرة إلى هذه البلدة وكان شأن الإيرانيين .
ومن أشهر المغاربة القدماء بيت حميدان الذي أنشأوا بستانا بجوار بركة الماجل .
ومن أشهر العائلات التركية بيت الدرابزلي والقرملي وكوشك والخشيفاني والوشكلي وغيرهم ,

شريحة رقم (25)

أما الهند وجاوي فقد جاءت هجرتهم إلى البلاد متأخرة كثيراً عن غيرهم فقلما تجد في عهود مكة السالفة بيتاً مجاورا من الهند أو الجاوى لبعد المسافة بينهم وبين هذه البلاد وخصوصا قبل استعمال السفن البخارية في المواصلات ألا أنهم عندما شرعوا يهاجرون إلى مكة ما لبث أن طغى تعدادهم على الجاليات الأخرى والذي أحسبه أن دافع الهجرة عند أهل الهند كان نشاطهم التجاري على عكس الحال بالنسبة للمجاورين فقد كان مهاجروهم يستوطنون مكة لطلب العلم وقد برز منهم كثير من أجلة العلماء.
ولعل أقدم الجاليات المهاجرة من الهند كانت من الفتن " كبيت الطيب وملائكة , وشمس , وقطب , وجلال , وخوج , وعبد الخالق , وحبيب , وجستنية , ومن أشهر الهنود غير الفتن بين خوقير والدهلوي والبوقرية وميراوفدا .
كما أن أشهر بيوت الجاويين بيت البتاوي والسمباويا وزيني المنكابو والقستي والفنتيانة والبوقس والفلمبان وقدس وسمس والفطاني.
ومن الجاليات التي اتسعت هجرتها إلى مكة جاليات الحضرميين ولعله كان رائد السابقين منهم النشاط العلمي ثم أضيف إليه النشاط التجاري فازداد طلاب الرزق من كبار التجار إلى صغار الباعة والمستخدمين ثم اتسعت هجرتهم وأصبح المجاورين يكادون يستقلون بأكثر حوانيت البيع في البلاد وانتقع الأهالي بخدمة صغارهم في البيوت ومن أشهر عائلات الحضارم بيت باجنيد وباحارث وباناحه وباناعمة والعادة وباحكيم وبازرعة وباعيسى وباعشن .

شريحة رقم (26)

أخلاق المكيين في العهد العثماني:
وأما عن أخلاق المكيين فيذكر المراد آبادي وقد زار مكة إبان القرن الثاني عشر عنهم صورة إيجابية فيرى: أهل مكة متحلين بالأخلاق الفاضلة عامة وخاصة , فكبار القوم في مكة المكرمة يعاملون المسافرين والغرباء معاملة طيبة تتصف بالتواضع الجم , وحسن الخلق , وكأنهم لم يسمعوا عن الغرور والكبر مع أنهم من أهل الفضل والشرف , ويذكر واقعة خاصة به مع أحد المكيين من الأعيان وقد التقاه بجوار الحجر الأسود وقال المكي له : أدع لنا , فقال له المراد بادي : يا سيدي هل أنا جدير بهذا ؟ أنتم جيران بيت الله , وهذا شرف لكم , ثم يقول المراد آبادي : تأثرت بكلامه حتى انهمرت الدموع وغلبني البكاء وظل هذا الشعور يلازمني حتى صعدت جبل الصفا وأتممت السعي .
ويستفيض الكردي في الحديث عن أخلاق المكيين في هذا القرن فيضيف على ما سبق أن ذكره المراد آبادي عن أخلاقهم وتواضعهم أنهم على ديانة واستقامة تعرف في وجوههم , ونفوسهم زكية مشبعة بحب الخير , وهم أهل مروءة وشهامة وكرم وشجاعة , ويساعدون من يستطيعون لأنهم من أهل النجدة , ويعودون مرضاهم , ويقدمون المساعدات للمحتاجين من الحجاج أو الفقراء .
كذلك فإن المكيين يتميزن بأخلاق الإسلام في التربية فالصغير يوقر الكبير والكبير يرحم الصغير , والمخطئ يردونه ويردعونه , والعالم والصالح يحترمونه عادتهم الإصلاح والمبادرة إلى فعل الخيرات.
وخلاصة القول في المكيين أنهم جميعاً كأنهم أسرة واحدة فإذا رأى أحدهم ابن جاره أو ابن صاحبه وقد فعل خطأ أو مشى في السوق بغير أدب خاصمه وغضب عليه كما يغضب على ابنه من صلبه والولد يخجل من نفسه ويغض نظره طاعة وحياء.
ومما يذكره الكردي كذلك أن بعض أهل الدكاكين يدفع بعض الزبائن إلى جيرانه في الصباح الباكر ليشتري منهم , ويقول : إني قد بعت واستفتحت أما جاري فلان فإنه لم يستفتح فاذهبوا إليه لتستفتحوا لبعضكم خيراً .

شريحة رقم (27)

تحدثنا في شريحة سابقة عن معنى التنوع العرقي والثقافي في مكة:
فالحج.. القيمة الأعلى للتنوع الإسلامي
كل عام تتشح مكة باللون الأبيض إحراماً وقيماً واجتماعاً، يهيمن اللون الأبيض على كل المشاعر المقدسة نوراً وخدمةً واستئناساً بهذا المشهد السنوي الذي يحمل كل معاني الاجتماع لأبناء الإسلام ديانة واتحاداً.
الحج يختصر كثيرا من المعاني التي يحتاج إليها الواقع المعاصر، ففي الحج تبرز الهوية الكبرى التي تتآلف مع الهويات الصغرى لتنتج هذا المشهد المهيب، الهوية الكبرى المتمثلة في الإسلام ديناً وقيماً وحضارةً، والهويات الصغرى للأوطان والألون والألسنة. في الحج تتحد الجغرافيا على مركز واحد يصبح هو وجهتها ومقصدها، وتقدم الثقافات أكبر أدلتها على أنها قادرة على التعايش والانسجام.

شريحة رقم (28)
رحلة الحج قديماً(1)
كان الحج قديماً من الصعوبة بمكان، فكان الحجاج يقطعون البوادي والصحاري والقفار، ضاربين أكباد الإبل أياما وليالي، وربما شهورا كاملة، ليصلوا إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج.
فقديما كان من يذهب إلى الحج يودع أهله وداع من لا أمل له بالعودة، وذلك لعدة أساب، منها بعد المسافة، وخطورة الطريق، والأمراض الفتاكة، وكان الحاج يتجهز للحج قبل ثلاثة أعوام، فيبدأ في جمع المال واختيار الرفقة، وتجهيز المركب أو الراحلة والزاد.
وكان يذهب قبل الحج بشهر أو شهرين حتى يتمكن من الوصول في الوقت المحدد، وكانت وسائل المواصلات قليلة جدا والطرق وعرة غير معبدة، وكان الحاج إذا عاد سالماً إلى أهله، احتفوا به وذبحوا الذبائح ليس لأنه حج فقط، بل لأنه حج وعاد سالما لم يتعرض لأذى.

شريحة رقم (29)


شريحة رقم (30)
صورة
شريحة رقم (31)
رحلة الحج قديماً (2)
فقديما كانت القوافل وعبر مئات السنين تنساب على ظهور الإبل، تسري في الليل، فيبدد صوت الحداة، وحشة الليل، ورهبة الصحراء، في مواكب فرح إيمانية تغمر القلوب، بفيض زاخر ومشاعر من الأشواق تتوق إلى بيت الله الحرام، وتغمر الصحراء مشاهد الأنس والبهجة، وهذا هو الوجه المشرق للرحلة والقافلة.
وعلى الجانب الآخر هناك مشاعر الخوف من غوائل الغدر والسطو والعدوان، وربما المتاهة والموت عطشا في الصحراء، لتعبر عن معاناة الأجداد، الذين واجهوا شظف العيش وقسوة الحياة، ووعورة الطريق، في هذه الرحلة الإيمانية إلى الأراضي المقدسة، فكانت الرحلة تمتد من الشام أو العراق أو مصر شهورا عديدة للوصول إلى بيت الله الحرام.
فقد كان الحج في الماضي يتم على ظهر الدواب، وكان الحجيج يخترقون الجبال مشياً على الأقدام، يحملون متاعهم ومأكلهم ومشربهم على الدواب، تحملها الحمير والبغال والجمال، وكانت تلك وسيلة النقل الوحيدة في الماضي.

شريحة رقم (32)
فقه حج المريض
فقال سبحانه: { لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}، ورَفْعُ الحَرَج عن المريض ظهر في الشرع في صور متعددة رَفْعَاً ودَفْعَاً .
بل وزاد فضلُهُ سبحانه، وتمَّ إنعامُه بأن كَتَبَ للعبدِ المُؤمنِ في حَال مرضِه أجرَ مَا كان يعمله من الخير أو ينوي فعله وهو صحيحٌ سَليم ففي صحيح البخاري عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا) . وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ما أحد من الناس يصاب ببلاء في جسده الا أمر الله عز وجل الملائكة الذين يحفظونه فقال اكتبوا لعبدي كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي) . وفيه من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ليس من عمل يوم الا وهو يختم عليه فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة يا ربنا عبدك فلان قد حبسته فيقول الرب عز وجل اختموا له على مثل عمله حتى يبرا أو يموت) .
ومن الأبواب التي تدخلها أحكام رفع الحرج عن المريض (باب الحج والعمرة)، فإن الله تعالى قد وضع عنه بعض الأحكام تخفيفاً وتيسيرا؛ كما قال سبحانه : { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }، فللمريض في المناسك أحكامٌ تخصه رُفع عنه بها الحرج، وأُزيلت بها المشقة والضرر .


شريحة رقم (33)

وهذه الأحكام يمكن تقسيمها إلى خمس مسائل :
أولاً : سقوط وجوب الحج والعمرة على المريض .
وثانياً : رفض المريض للإحرام بعد الدخول فيه .
وثالثاً : سقوط بعض الواجبات في الحج والعمرة عن المريض، وما يجب حيال ذلك .
ورابعاً : ما يجب حيال فعل المريض لبعض المحظورات لأجل مرضه .
وخامساً : تحقيق المناط في محظورات الإحرام .
والمسائل المتعلقة بفقه حج المريض لا تخرج في الغالب عن هذه المسائل الخمس بهذا الترتيب .


شريحة رقم (34)

·        أشهر الأمراض في مكة في القرنين 12-13الهجريين/ (بما يعادل القرنين 18-19الميلاديين):

من أهم الأمراض التي شاعت في مكة في تلك الفترة حتى صار كالوباء مرض سماه السنجاري : وباء الخيل سنة 1045هـ /1639م حيث وقع فيها الفناء في مكة وأسمته العامة أبو مشفر , وفنيت الخيل حتى إنه لم يبق بمكة إلا فرس واحد أخذوه للشريف زيد .
ومن الأمراض التي أوردها السباعي مرض سماه : عقد الركب , وهو يقول عنه : مرض غريب شاع فيه اعتقال الركب لا يستطيع القيام عليها , وكان الرجل يخرج من بيته سليماً فيعاد محمولاً على الأعناق معقود الركب من غير داء يشكوه , وكانوا يتخذون له شراب السوائل مع السكر , وهو الحوامض من فصيلة النارنج بعد أن ينضجوه على النار في قشرته .
ومن الأمراض التي ظهرت بمكة أيضاً سنة 1154هـ /1741م مرض الجدري , وقد أورده الدحلان.
وأما داء الصفراء فكانت له علامات منها اصفرار الوجه والعينين فيذهب المريض إلى بعض عائلة العجيمي وكانوا يسكنون في حارة القرارة والشامية لمدة أسبوع وكانوا يعالجون بدون مقابل.


شريحة رقم (35)

وصفات العلاج في مكة في القرنين 12-13الهجريين/ (بما يعادل القرنين 18-19الميلاديين):
أما وصفات العلاج في مكة المكرمة في هذه الفترة من أهمها شرب ماء زمزم حيث يسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديث يقول فيه " ماء زمزم لما شرب له " فالبعض كان يذهب إلى الحرم ويذهب إلى بئر زمزم ويشرب من ماء البئر وربما غسل جسمه كله وهو بملابسه , وكان أهل مكة يتضلعون من الماء بل وكان الوافدين لحديث ورد في هذا الشأن .
ومنها شربة زيت الخروع حيث يهتم المكيون بصحتهم ولهم عادة صحية طبية يوم في السنة يقوم جميع أهل مكة كل في عائلته ويشربون هذه الشربة والكبار في السن يشربوه حتى أصبح عادة سنوية.
ومنها الحجامة: والتي تعد من مظاهر العلاج في مكة خلال فترة البحث الحجامة , وكانت تستخدم لكبار السن ومتوسطي العمر أما الصغار فلا .
ومنها الكي وهذا النوع من العلاج كان مشهوراً في مكة المكرمة لا سيما حين يصاب الإنسان بالإسهال والاستفراغ معاً فالعلاج حينئذ الكي في الكعبين وذلك بوضع آلة حادة على النار حتى تحمر فيكوى بها المريض في كل كعب على شكل ( + ) وبعد ذلك يتوقف الإسهال والاستفراغ بإذن الله .
ومن أنواع العلاج كان العلاج بالرقيا والعلاج بالرقيا وارد في غير حديث ومقطوع به والغرض من ذلك التوكل على الله سبحانه ثم الأخذ بالأسباب بزيارة المعالج أيا كان.




شريحة رقم (36)

(2) وصفات العلاج في مكة في القرنين 12-13الهجريين/ ( بما يعادل القرنين 18-19الميلاديين):
ولقد أوجد المكيون علاجاً للصفراء والإسهال والاستفراغ ولعل من مظاهر العلاج لمرض الخاطر (الإسهال) كان بوضع السكينة عل النار كما سبقت الإشارة .
ومن أساليب الاستشفاء من التوعك العام هناك وصفة تسمى بالمثلث تتكون من البنفسج والخميرة وعنصر ثالث ؟ أما الحمى فعلاجها يتكون من نقيع الكذبرة والعناب البخاري وسكر بني مصري , ويسمى المزوق الذي ينظم الدورة الدموية , أما نزلات البرد فيوصف لها نقيع النعناع , أو أزهار الضرم , أو الدوش , وأما ورم العين فيسمح بمحلول مكون من ماء الليمون والراتينج البني الغامق المسمى ( صبر ) مع محلول آخر يستخدم للشرب مكون   من العشب النوبي .
ومن أساليب العلاج أيضاً التدليك وكان معروفاً بالتكبيس ( أو ما يسمى في العصور الحديثة بالمساج) وهو معروف في أوروبا بعد أن عرفه العرب في مكة لعصور طويلة حيث انتقل إلى العرب مع وصول المسلمين إلى بلاد الهند حيث يقوم الذين يقومون بهذه العملية – كنوع من العلاج الطبيعي – لمن يحتاج فضلاً عن الرقيق الذين يقومون بهذا العمل وكذا الخادمات للسيدات , كما أن السيدات يقمن بهذا العمل للأزواج وهذا العلاج لا يستعمل من أجل الاسترخاء فقط وإنما يستخدم في علاج آلام الأعضاء أو مسكناً للآلام .

شريحة رقم (37)

* الحجر الصحي في العهد العثماني والحملة الأوربية 1865-1914م (1):
ونقتطف من كتاب أصدره مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض عام 1422هـ / 2001م بعنوان : الحجر الصحي في الحجاز 1865-1914م ، لمؤلفته الدكتورة جولدن صاري يلدز ، وكان في الأصل رسالة جامعية قدمتها المؤلفة التركية بلغتها الأم. يؤرخ لمرض ( الكوليرا ) الذي انتشر في منطقة الحجاز ، قادماً مع حجاج الهند ، وحمله الحجاج إلى مناطق جديدة من العالم ، امتدت ما بين مصر وإيران حتى بلغت أوروبا , الأمر الذي حرَّك الدول العظمى فاتخذته ذريعة للتدخل في أمور الحجاز .
-إنه بَيَّن الدَّور الكبير الذي قامت به الدولة العثمانية في صدِّ الهجمة الأوروبية ، والتفاعل مع القضايا الصحية في الحجاز ، وإبعاد هذه المنطقة عن المداولات الاستعمارية .
- إنه يحدد الجهود التي قام بها العثمانيون في إصلاح الأحوال الصحية في الحجاز ؛ وذلك بإرسال الهيئات الطبية ، وإنشاء المستشفيات ، وإقامة المحاجر الصحية ، وسنِّ النظم والقوانين الصحية لقد ظهر وباء الكوليرا أول مرة في الحجاز عام 1831م وتكرر ظهوره بعد هذا العام خمس مرات أخرى فتحركت دوائر السياسة الغربية والأوروبية تجاه هذه الأزمة ، وحاولت التدخل ليكون الحجاز - وهي المنطقة الثانية - ضمن استراتيجياتها الاستعمارية ، فأدرجت هذه المشكلة ضمن جدول أعمالها السياسية الدولية ، وتنبهت الحكومة العثمانية لخطورة هذا الأمر ، فتحركت لإجهاض المحاولة الأوربية ، وبدأت في عمل الاحتياطات اللازمة للتخفيف من حدة المرض أو القضاء عليه .
شريحة رقم (38)

ثم تنتقل المؤلفة في إلى مناقشة موضوع يمس الحياة الاجتماعية في الحجاز، من حيث البيوت والوضع السكني، ودورها في الأحوال الصحية، وخاصة في فترة الحج حيث يزداد عدد السكان بشكل ملحوظ في زمن معين، ومكان محدد مما يشكل كثيراً من الضغط الاجتماعي والسكاني على المساكن والمنازل المعدة لإسكان الحجاج، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من سوء الأحوال الصحية للمواطنين والحجاج على حد سواء.
وهنا تشير المؤلفة إلى مجموعة من السلبيات التي تؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض، مثل:
- قلة دورات المياه النظيفة في المساكن المعدة للحجاج.
- عدم وجود قنوات للصرف الصحي.
- انتشار القاذورات والمخلفات وعدم وجود إدارة خاصة بالنظافة العامة (البلديات)
- قلة الوعي الصحي لدى الحجاج وأخطائهم في عرفة ومنى. وأهم وقفة في هذا القسم هو ما تحدثت عنه المؤلفة فيما يتعلق بماء زمزم الذي اتهمه الأوربيون بأنه السبب في انتشار وباء (الكوليرا، ولكن القائمين على أمر الحجاز فَنَّدُوا كل هذه الشائعات، وقاموا بوضع التدابير الخاصة بإصلاح الصحة، والخطط واللوائح اللازمة لذلك الغرض.

شريحة رقم (39)
المؤتمرات الدولية الصحية
حيث عُقدت مجموعة من المؤتمرات الصحية لمناقشة هذه المسألة، وفرض تدخل الدول الأوربية في شؤون الحجاز، ولعل أهم تلك المؤتمرات هو المؤتمر الصحي في باريس عام 1851م حيث نتج عنه معاهدة باريس الصحية، والتي أكدت على مجموعة من التنظيمات الصحية، لمنع انتشار الأوبئة والأمراض بين الحجاج.
وبذلك تختم الباحثة القسم الثاني، مؤكدة على دور الدولة العثمانية تجاه التطلعات الأوربية للسيطرة على الحجاز؛ بحجة المرض والوباء المنتشر في مواسم الحج بمكة المكرمة، والفعاليات العثمانية لإصلاح النواحي الصحية في الحجاز، وإقامة المحاجر الصحية

شريحة رقم (40)
نظرة أوروبا لمكة
كانت الصحافة الأوروبية تنظر إلى مكة على أنها «بوابة للتلوث» لأوروبا خوفا من انتشار الكوليرا وغيرها من الأمراض بعد كل موسم حج. لقد سجلت أول حالات كوليرا عام 1817 في الهند، والتي انتقلت إلى الحجاز في عام 1821، وبعدها في 1831 مما أدى إلى وفاة قرابة 20 ألف شخص في الجزيرة العربية. وقد وضع ملف الحج وتداعياته على الصحة العامة على قائمة أعمال المؤتمر الصحي الدولي في باريس عام 1851 لأول مرة، مما جعل فرنسا تضع نفسها في طليعة الحملة الدولية لتنظيم السفن والحجاج المتوجهين إلى مكة المكرمة، وذلك لتخفيف حدة الدعوة لحظر الحج في المستعمرات، والتي كانت بدأت تتردد في بعض أوساط الرأى العام في بعض الأحيان. وفي عام 1865 حصد وباء الكوليرا أرواح 15 ألف حاج من 90 ألفا حتى وصل إلى بقاع عديدة في العالم منها أوروبا؛ وقتل أكثر من 200 ألفا شخص. وأضحى هذا التهديد الوبائي للأوروبيين سلاحا سياسيا في يد الحكومات لتسليط الضوء على الحج كناقل لانتقال المرض. وكان هذا الملف الصحي، وتسليط الضوء على حالات سوء معاملة الحجاج تحت حكم البريطانيين، يستخدم أحيانا كوسيلة ضغط سياسي كما كانت بريطانيا تفعل كوسيلة لممارسة النفوذ البريطاني في المنطقة على الحكام المحليين في الجزيزة العربية. ومن أجل وضع استراتيجيات واضحة للتعامل مع ملف الحج قامت القنصليات الأوروبية في جدة بتفعيل دورها في نهاية القرن التاسع عشر وذلك عن طريق تعيين موظفين من ذوي أصول إسلامية حتى وصل بعضهم لمناصب نواب قناصل، مثل الهندي مُنشي احسان الله نائب القنصل البريطاني في ذلك الوقت، والذين كانوا يقومون بدورهم في إعداد تقارير سياسية عن مكة والحجاج كانت ترسل إلى وزارات الخارجية والمستعمرات.

شريحة رقم (41)

استنتاج جغرافي طبي
لذا لما كانت مكة المكرمة من أشد مناطق العالم حرارة، فإن جميع أنشطة الإنسان فيها تكون متأثرة بهذا العامل، ويزداد التأثر في الصيف، وتنعكس تلك الحسابات على المسكن والملبس والحركة والعبادة والتنزه.

شريحة رقم (42)
اقتراحات وتوصيات
من خلال ما سبق عرضه من شرائح تاريخية عن مكة والحج:
لعله اتضح لنا أن موسم الحج من المواسم المتقلبة من ناحية الأمراض التي تنتشر فيه وذلك يعتمد على الفصل الذي يكون فيه موسم الحج فخلال فصل الصيف يكثر أمراض ضربات الشمس والإرهاق الحراري وما شابهها، أما في الأوقات التي يأتي فيها موسم الحج خلال فصل الشتاء فتكثر أمراض الجهاز التنفسي العلوي والسفلي والالتهابات الرئوية فلا بد من إعداد الأطباء لهذه التقلبات المناخية المصاحبة لموسم الحج. لذا اقترح وأوصي –تكرماً-:
1-دراسة أو تدريس تاريخ التغير المُناخي لبيئة أرض الحرمين لطلاب الطب.
2-دراسة أو تدريس التاريخ الطبي أو (الصحي) لبيئة أرض الحرمين.

شريحة رقم (43)

من مصادر ومراجع السيرة النبوية
1-السيرة النبوية لابن هشام
2-زاد المعاد في هدي خير العباد: لابن القيم
«»»»»»»»»»
من المراجع الحديثة والمفيدة جداً
1-السيرة النبوية الصحيحة: لأكرم ضياء العُمري
2-السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية: لمهدي رزق الله أحمد

شريحة رقم (44)
من مصادر تاريخ مكة المكرمة
1-أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار: للأزرقي
2-أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه: للفاكهي
3-شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام: للفاسي
4-إفادة الأنام بذكر أخبار البلد الحرام: لعبدالله الغازي

شريحة رقم (45)



شريحة رقم (46)

الأساتذة الأفاضل
أبنائي الطلاب والطالبات
شكراً لطيب تفاعلكم
محبكم
الشريف محمد بن حسين الحارثي
يسرني تواصلكم على البريد التالي:
Alsharifmh95@gmail.com

هناك تعليق واحد:

  1. فيما يلي: خطاب إلكتروني من إدارة كلية الطب بجامعة أم القرى يؤكد ما سبق الاتفاق عليه رسمياً مع إدارة الكلية لإلقاء محاضرة تاريخية ضمن برنامج وحدة الحج والعمرة ( تنوع الثقافات):

    بسم الله الرحمن الرحيم
    سعادة الدكتور الشريف محمد الحارثي سلّمه الله

    نيابة عن أعضاء وحدة الحج والعمرة بكلية الطب - جامعة أم القرى، أود أن أشكر سعادتكم على قبول المشاركة في حلقة عمل (تنوع الثقافات - Culture Diversity) بمحاضرتكم القيّمة.

    ستجدون في طيّه مرفق بمحتويات ورشة العمل وماالذي سيقدمه الطلبة من نشاطات تعكس مفهوم إختلاف الثقافات في موسم الحج والعمرة وتحقق أهداف المنهج.

    تعقد الحلقة يوم:
    الأربعاء ١٩ أكتوبر ٢٠١٦ الموافق ١٨ محرم ١٤٣٨ (تقويم أم القرى).

    سيكون في شرف استقبالكم ومساعدتكم على التنقل سعادة وكيل كلية الطب ومندوب من الكلية.

    تواجدكم في رحاب كليتنا شرف لنا،

    دمتم بخير،،،

    المشرف الاداري على المنهج العمودي

    ردحذف